أجاثا كريستي
كتاب شجرة السرو الحزينة
العنوان: شجرة السرو الحزينة
الكاتب: أجاثا كريستيِ
سنة النشر: الطبعة الأولى -2019-
الدار الناشرة: مكتبة جرير
عدد الصفحات: 425 صفحة
التقييم:7/10
الكتاب في سطور
وقفت إلينور كارليل في حزن وهي تواجه الاتهام بقتل ماري جيرارد، غريمتها في الحب. كانت الأدلة ضدها دامغةً؛ فإلينور وحدها كان لديها الدافع والفرصة والوسائل التي يمكنها بها وضع السم للقتيلة.
ومع ذلك، وبداخل قاعة المحكمة التي امتلأت بمشاعر العداء، كان هناك رجل واحد فقط يؤمن بأن إلينور بريئة؛ إن هيركيول بوارو كان هو الحائل الوحيد الذي يفصل بين إلينور وبين حبل المشنقة.
(ها هو بوارو يقوم بحل قضية أخرى غامضة).
(صحيفة الديلي ميل)
مراجعتي للكتاب
شجرة السرو الحزينة روايةٌ أخرى لأجاثا كريستي... ومتعةٌ متجددةٌ. روايةٌ قادرةٌ على امتاعنا وابهارنا وانتشالنا من قمة الأسى وشدة الملل، بل وقادرةٌ على أن تنسج لنا عالمًا آخرًا مليئًا بالإثارة والغموض ينأى بنفسه عن التكرار والروتين.
ولعل هذا الكتاب - وإن لم يكن أفضل ما كتبت أجاثا كريستي - جاء بأحداثٍ مميزةٍ تغاير الأسلوب الذي اعتدنا عليه وأصبح قالبًا يميز رواياتها... فقد استطاعت أجاثا كريستي بأسلوبها المحبب إلى قلوب قراء رواياتها أن تمزج بين أسلوب الاسترجاع وأحداث الجريمة في روايتها مضفيةً شيئًا من الغموض وخالقةً إحساسًا بالمتعة والتشويق لدى القارئ لمعرفة المزيد حول الأحداث لعلّه يمسك الخيط من أوله لا آخره...
البداية... متى كانت البداية؟ نعم، في ذلك اليوم الذي وصل فيه ذلك الخطاب البشع مجهول الهوية! لقد كانت تلك اللحظة هي بداية الأمر...
{ شجرة السرو الحزينة، 15 }
هكذا تمكنت من أن تسحرك وتجذبك، ألقت إليك السنارة... فعلقت بها وهكذا تمكنت من أن تقطع انسياب المرافعة وأن تعود بنا إلى الخلف... إلى اليوم الذي بدأ فيه كل شيء والذي قاد " إلينور كاثرين كارليل " - الشخصية الرئيسية - إلى قفص الاتهام وإلى أن تواجه تهمة القتل العمد بدافع الغيرة والحب.
إلينور كاثرين كارليل، إنك تقفين أمام المحكمة متهمة بقتل ماري جيرارد في نهار السابع والعشرين من يوليو الماضي، فهل أنت مذنبةٌ أم غير مذنبةٍ؟.
{ شجرة السرو الحزينة، 11 }
الرواية مقسمةٌ إلى 3 أجزاء، يحوي كل جزء منها حدثًا وحكايةً تسهم في تصاعد الأحداث وانسجامها في قالب واحدٍ وهو قالب الجريمة الكاملة. فالجزء الأول متخمٌ بأسماء الشخوص وصفاتهم، ويعد الأساس الذي لا تقوم أي روايةٍ دونه، فعبره خَلقت خلايانا الرمادية تصورًا دقيقًا للشخوص وعلاقاتهم، مما أهلنا للحكم عليهم، بل واتهامهم - مسبقًا - بأداء الجريمة من عدمها..
أخذ يفكر كم أنه من الصعب على المرء أن يعرف ماذا يمثل في حياة إلينور، فهي لم تكن ممن يظهرون الكثير من مشاعرهم وأفكارهم، وكان يعجبه ذلك فيها... حيث كان رودي يكره أولئك الأشخاص الذين يفضون إليك بأفكارهم ومشاعرهم، أولئك الذين يسلمون جدلًا أنك تود أن تعلم مكنون صدورهم وآلية تفكيرهم، كان رودي يرى أن التحفظ في إظهار المشاعر وإبداء الآراء أكثر جاذبيةً وإثارةً.كانت إلينور من وجهة نظره إنسانةً كاملة الأوصاف، ولم يكن هناك ما يعيب ويخجل بشأنها، حيث كانت ملامحها متعة للعين، وكان حديثها إمتاعًا للأذن وكانت رفقتها سحرًا لا يمله القلب.
{ شجرة السرو الحزينة، 66-67 }
وقد اتضحت كل تلك الخصال والصفات عبر خطاب أجج مشاعر " إلينور ورودي "، وأثار فيهما الحفيظة ناحية الإرث الكبير الذي سيستلمانه حال وفاة " العمة لورا " - قريبتها - والذي كان بمثابة خطاف نجاةٍ ينقذهما من الإفلاس والسقوط خارج طبقتهما المعيشية المرفهة. أنكرا - بلسانهما لا قلبهما - أي علاقة لهما بالمال أو أي رغبة في امتلاك الثروة، وأن زيارتهما المفاجأة " للعمة لورا " والتي جاءت عقب شهرين من الجفاء والبعد مجرد صلة رحمٍ لا خوفًا من أن يكون الخطاب حقيقةً مرةً...
أنا لا أتصرف بدافعٍ من الجشع، لكن على كل حال، فإن العمة لورا طالما قالت مرةً بعد أخرى إننا - أنا وأنت - عائلتها الوحيدة، فأنت ابنة شقيقها، وأنا ابن شقيق زوجها، ولقد أفهمتنا دائمًا أنه حيال وفاتها، فإن كل ثروتها سوف تذهب إلى أحدنا - أو على الأرجح - كلينا، وثروتها - كما تعلمين - كبيرةٌ للغاية يا إلينور.
{ شجرة السرو الحزينة، 26 }
وهكذا تسرد لنا أجاثا باستفاضةٍ وانشراحٍ عددًا من الأحداث والمواقف التي تتخللها علاقاتٌ شائكةٌ وأطراف حبٍ متنافرة... علاقاتٌ خفية، وجرائم تحاك لسنوات طوال. لنتمكن نحن من جمع خيوط الجريمة وإرجاء ما نراه كذبًا وخطئًا.
أعتقد أن خطاب أختها الذي تسلمته قد وضع أمام عقلها الداهية فرصة للحصول على المال، عندما أصبحت نيوزيلاندا مكانًا غير آمن بالنسبة لها.
{ شجرة السرو الحزينة، 419 }
أما الجزء الثاني، فهو قمة الإثارة والتشويق ونقطة انطلاقةٍ تُكشف بعدها حقائقٌ وأسرارٌ كثيرة ويسدل الستار فيه عن مئات الألغاز والأحداث المبهمة... لكن الحل وهوية القاتل ما يزالان لغزًا لن يُكشف إلا عبر خلايا " هيركيول بوارو " الرمادية، وثقته العمياء بها وبعلاقاته المتشعبة.
إن الممرضة هوبكنز امرأة ذكية، ولكن ذكاءها لن يعادل مستوى ذكائي أنا بالطبع. وهي قد لا ترى أن هناك ما يربط بين الأمور المتفرقة، لكن هيركيول بوارو سيرى الأمور من منظور مختلف!
{ شجرة السرو الحزينة، 289 }
إنه ليس في مثل شهرتي!
{ شجرة السرو الحزينة، 302 }
جر الدكتور " بيتر لورد " - طبيب القرية - آماله خلفه وحمل فوق ظهره همًا ويأسًا عظيمين، وانطلق مسرعًا نحو " هيركيول بوارو " الرجل الوحيد القادر على ثقب الظلام وسحب النور منه ولو بالقوة.
أقسم على تقبل الحقيقة، حتى لو كانت السبب في دفنه حيًا مع يأسه وغمه وحتى لو كره انحيازها وموقفها. قدم لبوارو معطيات القضية ممزوجةً بلهفة المحب وكذب العاشق، مقتصرًا على ذكر أحداثٍ مبهمة ومجتزأة... لينطلق الأخير نحو الظلام بحثًا عن النور دون هدي من أحد.
... ليس هناك عيب في الوصول إلى الحقيقة، وهذا ما أهتم به، لكن الحقيقة سلاح ذو حدين، هب أنني وجدت أدلة تدين تلك الفتاة الشابة، أتطلب مني أن أكتم الحق وأخفي تلك الأدلة؟.
{ شجرة السرو الحزينة، 186 }
لم يكن إبحاره في حيثيات القضية سهلًا أو خاليًا من الكذب والتدليس، فكل إنسان يخفي الحقيقة خلف كذبة شفافة، يكشف ما داخلها فور سقوط الضوء عليها...
أظن أنك اتفقت مع الممرضة هوبكنز على أن هناك بعض الأمور التي من الأفضل أن تظل سرًا لا يعلمه أحد، أليس كذلك؟
{ شجرة السرو الحزينة، 297 }
( سرًا لا يعلمه أحد ) حتى نحن من كشفت لنا خبايا الأنفس، وقرأنا - حرفيًا - كل ما اختلج في الصدور. فمهما كشف لنا من حقائق وأسرار يبقى أمامنا مئات الطرق والأبواب المسدودة والمختومة بالكذب!!...
إلا أن بوارو استثناء للقاعدة، فخلاياه قادرةٌ على أن تخرق الأبواب المغلقة وتهز عرش الكذب، وعلاقاته تصل - دون حدود - إلى بيتك ونفسك...
كل شيءٍ سهلٌ أمام هيركيول بوارو.
{ شجرة السرو الحزينة، 277 }
نعود أدراجنا إلى المحكمة، فنكمل من حيث انتهينا عبر الجزء الثالث والأخير. إلى قاعة المحكمة وإلى مواجهة سيل من الاتهامات والاعترافات.
كانت المحكمة ساحةً للمعركة، وإلينور محور المعركة ومكافأة المنتصر.
تلت إلينور القسم، وكانت تجيب عن أسئلة السيد بالمر بصوت منخفض، فمال القاضي إلى الأمام، وطلب منها أن تتحدث بصوت مرتفع...كان السيد بالمر يتحدث برقة وتشجيع، طارحًا كل الأسئلة التي تدربت إلينور على الإجابة عنها مسبقًا.
{ شجرة السرو الحزينة، 378 }
استمرت المحاكمة وانهالت الأسئلة على الشهود، أسئلةٌ يعرفون السبيل لإجابتها وأخرى تقف سدًا مانعًا فتصدمهم وتثير خوفهم.
وقد بدأت ضربات قلبها تتسارع في جنون، وظلت نفسها تحدثها بأنها قد صارت الآن تحت رحمة عدوها! لم يعد هناك مزيد من الرقة واللطف، وانتهت كل الأسئلة التي تعرف إجابتها مسبقًا!
{ شجرة السرو الحزينة، 385 }
كادت المطرقة أن تقع، فتضرب الطاولة، فتظلم. إلا أن بوارو المكلف بكشف الحقيقة فجر مفاجأةً قلبت موازين الحكم وشلت يد القاضي قبل أن يضرب ويظلم.
ظنت إلينور أن كون بيتر لورد طبيبًا هو ما جعله يتفهم مشاعرها. لقد كان يعلم ما تعنيه، ولم يحاول أن يزعجها، من الرائع أن تكون هنا معه، وأن ينطلقا معًا بعيدًا عن كل هذا، بعيدًا عن لندن... إلى مكان آمن...
{ شجرة السرو الحزينة، 406 }
انتهت المحاكمة... وقطع معها سير أحداث الرواية بنهاية سعيدةٍ. ما زالت الجراح مفتوحةً إلا أنها ستغلق ولو بعد حين...
كانت أحداث الرواية ممتعةً، خاليةً من التكرار، مميزةً ومشوقةً... تمكنت أجاثا من التغلب على نفسها فقد تمكنت من تجسيد الحالة الجسدية والنفسية للمتهم - وإن كان ظلمًا - داخل قاعة المحكمة، بل وعرض معركة كاملة بين الدفاع والادعاء، معركة مليئة بالإثارة والغموض، تكشف عبرها - بأسلوب مغاير لما اعتدناه منها - ما خفي واستعصى على عقولنا وخلايانا الرمادية.
لم تكن مثاليةً... سواءٌ الحبكة واللغة، إلا أنها كافية لتسعد أرواحنا...
الشخصيات
1- هيركيول بوارو: المحقق البلجيكي. أول ظهور: صفحة 14
2- السيدة لورا ويلمان: أرملة ثرية. أول ظهور: صفحة 22
3- ماري جيرارد: ابنة الحارس، تتولى لورا كفالتها. أول ظهور: صفحة 11
4- إلينور كاثرين كارليل: قريبة السيدة ولمان. أول ظهور: صفحة 11
5- رودي ولمان: خطيب إلينور. أول ظهور: صفحة 14
6- الدكتور بيتر لورد: طبيب السيدة ولمان. أول ظهور: صفحة 14
7- جيسي هوبكنز: كبيرة ممرضات البلدة. أول ظهور: صفحة 14
8- إيلين أوبراين: ممرضة السيدة ويلمان. أول ظهور: صفحة 14
9- السيد سيدون: محامي السيدة ويلمان. أول ظهور: صفحة 85
10- السيدة بيشوب: مدبرة منزل السيدة ويلمان. أول ظهور: صفحة 34
11- هوركليك: البستاني. أول ظهور: صفحة 155
12- بوب جيرارد: الحارس ووالد ماري. أول ظهور: صفحة 44
13- إدوارد بالمر: محامي إلينور. أول ظهور: صفحة 11
14- تيد بيجلاند: قروي. أول ظهور: صفحة 71
المؤلف في سطور
أجاثا كريستي |
المهنة: كاتبة مسرحية، وممرضة، وكاتِبة، وروائية، وكاتبة سيناريو، ونثر، ودرامية، وكاتبة نثرية، والدراماتورج، وكاتبة سير ذاتية
الجنسية: المملكة البريطانية العظمى، المملكة المتحدة
الميلاد: 15 سبتمبر 1890
الوفاة: 12 يناير 1976 (86 سنة)
سبب الوفاة: مرض ذات الرئة
من مؤلفاته: 1- هرقل بوارو
2- ومقتل روجر أكرويد
3- لغز سيتافورد
4- خطر في البيت الأخير
5- موت اللورد إدجوير
6- جريمة في قطار الشرق السريع
7- جرائم الأبجدية
8- أوراق لعب على الطاولة
9- موت فوق النيل
10- السرو الحزين
11- خمسة خنازير صغيرة
12- ساعة الصفر
13- إعلان عن جريمة
14- الابنة هي الابنة
15- ليل لا ينتهي
16- الستارة
17- الجريمة النائمة
18- ثم لم يبق منهم أحد
لاقتناء الكتاب زر
https://www.jarir.com/ - الموقع الإلكتروني لدار النشر ( مكتبة جرير )
والحمد لله.
***********************
***********************
إرسال تعليق
0 تعليقات