الأدب العربي
كتاب الأسيف
الأسيف
الأسيف - ياسمين قنديل |
العنوان: الأسيف
الكاتب: ياسمين قنديل
سنة النشر: الطبعة الأولى -2019-
الدار الناشرة: عصير الكتب للنشر والتوزيع
عدد الصفحات: 311 صفحة
التقييم: 7/10
الكتاب في سطور
"إليك/ ...
لقد كنتُ كاذبةً عندما ادعيتُ عدم معرفة صاحب الصوت وأنا التي لم تنسَه لحظة، وأن البحة في صوتي إثر نزلة برد وهي لم تكن سوى ارتجافة عندما ذكرت اسمك، ونبضات قلبي المتسارعة أثبتت أنك موجود بداخلي لم تتركني يومًا، وأن قوة نبراتك هزمتني، وعدم سؤالك عن أحوالي كسرني، وأنني في كل مرة توهمتُ أنني نسيتك كنت أتذكرك أكثر، وأنك داء لا علاج منه سوى رحمة من الله تجود على قلبي بنسيانك".
مراجعتي للكتاب
هل تخيلت يومًا أن يتم التلاعب بذكرياتك؟ أو أن تملك القدرة على تخليص روحك من الندم والحزن على أحداث أكل الدهر عليها وشرب وصارت حبيسة الذكريات والماضي؟ وهل حلمت يومًا بالسيطرة على أثمن ما يملكه الإنسان، عقله، ماضيه، حاضره وحتى مستقبله، تصيره كيفما تشاء...
لعلها أسئلة راودتك وراودت كاتبة الرواية - ياسمين -، وأكاد أجزم أنها بقيت حبيسة أحلامك وأمانيك في حالتك أنت، لكنها بأيدي الكاتبة - ياسمين - أصبحت روايةً مبدعةً ومميزةً، تجذبك بأسلوبها وحبكتها.
" مشروع زراعة الذكريات "، ثلاث كلمات كن المدخل إلى قلب القارئ ووعيه، كن الأغلال التي كبلت وعيه بالرواية وكلماتها...فها هي التشبيهات البيانية والصور الخيالية التي تستثير في القارئ شعورًا بالمتعة والترقب، تكافئه بحكاية خيالية عظيمة - قد تصبح واقعًا - أبطالها فاقد للذاكرة ولائذة بالفرار. يلتقيان بالصدفة، فتنطق قلوبهما بسر عظيم وبواقع مخز...
كاشفةً عن مشروع علمي غايته إنقاذ البشرية من الآلام النفسية والعقلية، وقتل مواطن الشر في الإنسان وتحويله إلى آلة لا تنطق بإثم ولا تفكر بالشر والفساد. لكنه - وكغيره من المشاريع التي تبدأ بغاية نبيلة - أصبح شرًا عظيمًا، وسبيلًا للتحكم والحد من حرية الإنسان وعملًا غير شرعي تقوده المصالح والأهواء.
وأنه - أمجد، بطل الرواية وفاقد الذاكرة - أحد الذين خضعوا للتجربة، وأن ما حل به من فقدان للذاكرة ما هو إلا أثر جانبي للعقار. والحل الوحيد له هو أن يحقن بمصل مضاد يعيد سرد الذكريات التي فقدها، كأنه يشاهدها في صالة عرض الأفلام، يعايش ويلاتها، ويذوق عذاب الفراق والحزن فيها مرةً أخرى.
هذا العقار ينقلك لعالم آخر، ينقلك لداخل الذكرى، تراها، تتحسسها، تشم رائحتها، تشاهدها مجسمةً بتفاصيلها.
{ الأسيف، 29 }
وهكذا تستمر الكلمات بالانسياب على صفحات الرواية، لتخوض بنا في عالم عجيب يخلقه الدماغ بعد أن يستثيره العقار. ذكريات تجسم، منها الأليم ومنها السعيد، وحكم بالقصاص ينفذ في حق مالك الجسد المهمل، ذكريات مبهمة لا علاقة واضحة بينها. إلى أن فتحت أبواب ذاكرته وانسابت كالشلال كاشفةً كل الخبايا لا يعيقها شيء غير مدة العقار القصيرة.
ذكريات ظهرت فيها أولى بوادر انقلاب وزعزعة أحوال البلاد. بدأت بمقاطع فيديو مسربة لتنظيم سري يدعوا نفسه بـ " قراصنة العقول " يسعى لتخليص البشرية من ذكرياتها السيئة ولخلق إنسان طيب مليء بالخير والعطف...
إلا أنه عقد صفقةً مع من يلقبون أنفسهم بـ " مجلس إدارة شؤون البلاد ". صفقة جاءت بعد عداوة أنهكت الطرفين ونصت على:
1- تحريم السجائر والخمور والمخدرات.2- تحريم جميع أنواع المأكولات والمشروبات غير الصحية.3- إلغاء الأديان ووضع تشريع جديد يسمى ( دين الحياة ) يضم الجميع تحت مظلته....8- تظل قائمة القوانين والتشريعات مفتوحة لأي إضافة جديدة يراها مجلس إدارة شؤون العهد الجديد مناسبةً.
{ الأسيف، 113 و 114 }
باع قراصنة العقول ضمائرهم وأرضت الصفقة جيوب ونفوس مجلس الإدارة، فنال الطرفان منافع كثيرة. أما شعب المدينة فحاز فيروسًا مسح ذكرياتهم وبث فيها ما يريد ويشاء المجلس الجديد من ذكريات.
دون ذاكرة...دون إرادة، يحيى الشعب وينموا محبًا لمجلس إدارة العهد الجديد، مطيعًا للذكريات التي تزرع داخله. حتى خرج " الخالدون " - وهم فئة لم يتمكن الفيروس من الاندساس في شرايينهم محمولًا على كرياتهم الحمراء - من جحورهم واتخذوا عهدًا على أنفسهم يقضي بمحاربة المجلس الذي وأد العلم وأحرق الكتب، والعمل على إعادة كل ما سلب من إرادة وذكريات إلى أصحابها.
ينتصرون تارةً ويهزمون تارةً الأخرى، سجال عقيم انتهى بنهاية غير متوقعة. كان الحب بطلها وعدوها في آن واحد.
10...9...8...7، ثوان معدودة تسبق انتهاء الفيلم وانبثاق شارة النهاية. بدأ كل الشيء بالتلاشي، أمجد، ليلى، والده، هشام، الخالدين، مجلس الإدارة. تلاشى كل شيء وعدنا إلى نقطة البداية في حلقة لا نهاية لها. عادت الذكريات، لكنها مؤلمة جدًا وفقدانها رحمة وفرصة وجب التمسك بها.
مرت كل هذه الأحداث كفيلم تسجيلي على شاشة عملاقة يحاوطها السواد، كان آخر مشهد هو سقوطي مغشيًا علي بجوار قبر أمي وانطفأت الشاشة بعدها وبدأت بالتبخر، شرعت في التبخر أنا أيضًا شيئًا فشيئًا، تركت جسدي للعقار ينتشله من الذكرى كما يحب ويفعل به ما يشاء، مستسلمًا له بيأس بعدما رجعت لي ذاكرتي وعرفت ما الذي حدث بحياتي السابقة ومن أنا.
{ الأسيف، 269 }
رواية مبدعة، مليئة بالخيال الأخاذ، ترقى إلى مستوى الاحتراف في الكتابة. حبكتها آسرة، وحواراتها تسد أي نقص في الأحداث. ولأكون صادقًا فقد صدمت بشدة حين علمت أن كاتبة الرواية عربية، وأن هذا الإبحار العميق في الأسلوب والسرد صدر عن كاتب عربي حديث.
وكم وددت لو استفاضت الكاتبة في شرح ماهية الفيروس، وكيف استطاع المجلس نشره وتغيير الذكريات، ولو أنها سلطت المزيد من الضوء على معاناة أمجد وأهل البلدة دون ذكريات. لكنها تبقى روايةً ومشروع فيلم خيالي جيد.
الشخصيات
1- الدكتور عبدالقادر سند: والد أمجد
2- الدكتورة ميسون
3- أمجد: بطل الرواية
4- كوثر
5- لبنى
6- ليلى: زوجة أمجد
7- هشام: صديق أمجد
8- فريدة أمجد عبدالقادر سند
المؤلف في سطور
الاسم الكامل: يـاسـمـيـن قـنـديـل
المهنة: كاتِبة، وروائية.
الجنسية: جمهورية مصر العربية
من مؤلفاته: 1- مج نسكافيه
2- حنين
3- الأسيف
2- حنين
3- الأسيف
***********************
***********************
إرسال تعليق
0 تعليقات