الأدب المترجم
كتاب وداعًا أيها السلاح
العنوان: وداعًا أيها السلاح
الكاتب: إيرنست همنجواي
سنة النشر: الطبعة الثالثة- 2016 -
الدار الناشرة: الأهلية للنشر والتوزيع
عدد الصفحات: 343 صفحة
التقييم:5.5/10
الكتاب في سطور
بنى الروائي إيرنست همنجواي روايته هذه على فكرة رفض الحرب، لأن من يدعو إليها هم أولئك المتعطشون إلى الدماء، فيقدمون الرجال وقودًا تستعر بهم، ولا تنطفئ إلا بالدمار والقضاء على الإنسانية قضاءً مبرمًا. ولقد عانت الدول المتناحرة من ويلات الحرب العالمية الأولى التي حصدت الأخضر واليابس، وأزهقت الأرواح، لذا كان لا بد من أصوات تصرخ في وجه الدمار قائلةً: لا للحرب.
ولما كانت الدول المتناحرة قد تسابقت إلى صنع الأسلحة الفتاكة من خفيفة وثقيلة، فقد وجدنا السلاح هو السلاح أينما ذهب وحلّ، أداة صماء مجنونة لا تفرق بين عسكري ومدني، وصغير وكبير، ورجل وامرأة، ومحارب ومسعف، فهو يقتل حيث اتجه، فالكل عنده سواسية، ولذلك كان لا بد من رفض هذا السلاح القاتل، ورميه، والعودة إلى السلم بين بني البشر. لذا كانت هذه الرواية في عنوانها صرخة في وجه الحرب: كفاكم تناحرًا وعودوا إلى رشدكم، وليلتفت كل إلى حياته يطورها وينهض بها. لقد قضت الحرب على الحضارة الإنسانية، وإن كان لا بد من السلاح لحماية الحضارة الإنسانية والدفاع عنها ضد القتلة المجرمين، فليكن السلاح وسيلة إلى غاية، لا غايةً في حد ذاته.
مراجعتي للكتاب
إرنست ميلر همنجواي كاتب أمريكي يعد من أهم الروائيين وكتاب القصة الأمريكيين. كتب الروايات والقصص القصيرة. غلبت عليه النظرة السوداوية للعالم في البداية، إلا أنه عاد ليجدد أفكاره فعمل على تمجيد القوة النفسية لعقل الإنسان في رواياته، غالبا ما تصور أعماله هذه القوة وهي تتحدى القوى الطبيعية الأخرى في صراع ثنائي وفي جو من العزلة والانطوائية. شارك في الحرب العالمية الأولى والثانية حيث خدم على سفينه حربية أمريكية كانت مهمتها إغراق الغواصات الألمانية، وحصل في كل منهما على أوسمة حيث أثرت الحرب في كتابات همنجواي ورواياته.
استطاع همنجواي أن يجسد ما خاضه خلال الحرب العالمية الأولى في شخصيات روايته الأساسية والثانوية، خالقًا بذلك نصًا روائيًا عجيبًا أشادت به أفواه النقاد وأقلامهم. تعد الرواية " وداعًا أيها السلاح " صرخةً فطريةً نابعةً من إنسان يمجد ويقدس الحياة ويبغض الموت والحرب...
إنسانٌ حمل السلاح في وجه أخيه وألقى بنفسه نحو الموت المحتوم إيمانًا منه بصحة قضيته وأحقيته بالعيش، حتى لو كان السبيل إلى ذلك أن يدوس رقاب الأبرياء. لكنه أدرك ويلاتها وذاق منها ما يحرق لسانه ويُعجز كفيه عن إمساك أي سلاح آخر، فقرر الهرب برفقة معشوقته إلى مكان بعيد..بعيد جدًا، لا تطاله أيدي الضباط والحرب ولا تصل إليه الشرارة الخارجة مع كل طلقة تخرق الهواء لتستقر في صدر إنسان. إلا أن الموت رفيق الحرب محيط بالإنسان، لا يدعه طرفة عين، ولا يفارقه إلا إن فارق - الإنسان - الحياة.
أرجوك يا إلهي، أرجوك لا تدعها تموت، أرجوك، أرجوك، أرجوك. لقد أخذت الطفل المسكين، دون أن تراه حتى ميتًا. فاحفظها هي من الموت، يا إلهي العزيز، أرجوك ألا تدعها تموت، ألا يكفي ذلك؟ ألا يكفي كل هذا؟ يا إلهي الكبير، لا تدعها تموت، أرجوك يا إلهي، أرجوك، أرجوك، أرجوك.
{ وداعًا أيها السلاح، 340 }
الموت والحرب
كلمتان متعلقتان ببعضهما البعض، فالموت نتيجة للحرب، والحرب نتيجة للموت أيضًا...
مخطأٌ من ظن أن للحرب نهايتين، سعيدة وحزينة، وأن فيها منتصرًا وخاسرًا. فكل من خاض فيها، ذاق الموت نتيجة، وصدم بانسداد وظلمة طرقها وسبلها، فلا منتصر في الحرب، الكل خاسر لأنه خاضها...
لن تستطيع أن تتصور سوء الحالة، إلا إذا شهدتها بأم عينيك...كثير من الناس لمسوا شرور الحرب من جراء أحداث الصيف، حتى الضباط الذين كنت أظن أنهم بعيدون عن الميدان الحقيقي، ولن يتاح لهم إدراك مساوئ القتال، حتى هؤلاء لمسوا بأنفسهم الإنهاك الذي سببته الحرب للرجال.
{ وداعًا أيها السلاح، 206 }
ذلك هو ما تمخضت عنه الرواية من أحداث وأهداف أراد أن ينقلها " إيرنست " لك أيها القارئ. فهنري - بطل الرواية، وأحد المتطوعين الأمريكيين في الجيش الإيطالي كأحد أعضاء الفرق الطبية - شارك بإرادته في القتال، حاملًا حول خصره حزامًا جلديًا يحوي أكثر إثم ابتدعته البشرية جمعاء وهو السلاح، الذي أطاح بمئات الحضارات وملايين القتلى.
يقفز كالخلد من جحر إلى آخر ويخطف الجرحى وأجساد الموتى من فم الموت في الخطوط الأمامية، لينقلهم إلى المراكز الطبية العاجزة...ينقلهم إلى سبيل آخر للموت...الموت تحت قذائف العدو الطائشة، التي لا تبغي غير الدمار ولا تسعى إلا نحو القتل.
يروي هنري الأحداث التي يعايشها خلال أيام الحرب الطويلة...الطويلة جدًا، حيث لم تخالج صدورهم أحاسيس أو حتى آمال بنهاية قريبة للحرب.
-أنت لا تعتقد ذلك-أنا لا أعتقد أن كلا الطرفين سيوقف القتال فورًا.
{ وداعًا أيها السلاح، 206 }
يناقشون خلالها الوضع السياسي، وينقدون ويشجبون تقدم الأعداء وهمجيتهم في القصف. لكنهم يثملون ويرقصون ويضحكون كلما دوت قنابلهم فوق رؤوس أعدائهم، صغارًا وكبارًا، نساءً ورجالًا، أطفالًا وشيوخًا. لأنهم أعدائهم!!
أعداء!!!
لكن، من هم أولئك الأعداء؟...ما الذي فعله أولئك ليستحقوا القتل والتشريد؟... ما الشيء الذي يدفع إنسانًا نحو قتل أخيه الإنسان؟... ما هي القضية التي تستحق كل هذا؟!!
مضت لياليهم هكذا بين السخرية من القس والراهب وتجرع آلاف لترات الخمر بأنواعه، وبين احتضان الموت في ساحات المعركة الأمامية.
إلى أن التقى هنري بالممرضة الإنجليزية " كاترين "، فنشأت بينهما علاقة حب مفاجأة وعميقة، رابطةٌ بدأت بغاية حقيرة تغلب عليها الغرائز، لكنها تطورت لاحقاً إلى علاقة نقية يكللها الزواج - غير الرسمي -.
كنا نعتبر نفسينا زوجين حقيقين منذ اليوم الأول الذي قدمت فيه إلى ميلان، وصرنا نعد الشهور التي مرت على ذلك اليوم، ولقد غدوت راغبًا حقًا في الزواج منها، و لكنها كانت ترفض ذلك، خشية أن يطبق القانون المدني بحقها فيوقفها عن العمل، ويعيدوها إلى بريطانيا. على أن رغبتي في الزواج كانت تشتد لحنيني الزائد في أن أرزق طفلًا، وكم كان فؤادي يحترق كلما عنت لي هذه الفكرة.
{ وداعًا أيها السلاح، 141 }
تقدم الأعداء بمراكبهم، بنادقهم، وجنودهم، يضربون الأرض فتهتز خوفًا تحت أرجلهم، ويدوسون الأخضر واليابس، يقتلعون الحياة من جذورها بهالة الموت المحيطة بهم، لا تفرق بنادقهم وطائراتهم بين الحيوان والنبات والجماد والإنسان، بين المقاتل وغير المقاتل، وبين النساء والأطفال والرجال المرابطين عند الحدود الغارقين حتى أعناقهم بدماء لا حق لهم فيها...
مما أوجب صدور أمر عام بالتراجع نحو الخطوط الدفاعية الأقرب إلى المدن والابتعاد عن طريق ذلك الجيش الجرار الذي خرق الحدود وأباد الأسوار الفاصلة بين المدن. انشق الجيش إلى ثلاث فصائل، فصيل سارع في تنفيذ الأمر والفرار تاركًا خلفه آلاف المواطنين القاطنين قرب الحدود. وفصيل تأخر في تنفيذ الأمر التزامًا بقسم أداه ينص على حماية الأرض والشعب. أما الفصيل الثالث فثار على الأمر ورفض الانصياع له، وتحصن عند الجسور وفي الخنادق لعله يقبض على إخوته في الجيش وأبناء وطنه لينفذ فيهم حكم الإعدام، وذلك لأنهم لاذوا بالفرار، لكنهم أبدًا - الفصيل الثالث - لن يتقدموا نحو خطوط الصراع مع الجيش الألماني، أبدًا!
ليتمكن من الفرار، نزع هنري النجوم التي تثقل بزته العسكرية، وانسلخ عن جلده العسكري. تنقل بين المدن بحثًا عمن رأى فيها الملاذ والسبيل للخلاص من الحرب وويلاتها، نأى بنفسه بعيدًا وقضى معها أيامًا وردية لا يعكر صفوها غير ذلك الإثم الذي سقط فيه وتطوع ليكون أحد خدامه وعبيده.
شعرت، وأنا في الثياب المدنية، أني كالإنسان الشاذ...لم آلف منظر شخصي للوهلة الأولى وأحسست أن طابعًا غريبًا يتملكني...لقد قضيت في الثوب العسكري زمنًا طويلًا نسيت معه تلك الصورة الساذجة الطبيعية التي كانت تضفيها على شخصي الثياب المدنية..
{ وداعًا أيها السلاح، 273 }
لا يمكن للحياة أن تكون مليئة بالسعادة والحب، فالحياة خليط من المشاكل والحزن والأسى إضافة إلى السعادة والفرح. لذلك يفاجأ هنري بدقات متتالية وعنيفة على باب غرفته في إحدى الليالي، دقات كان الهدف منها إنذاره بانتهاء الفرح و ضرورة الهرب. حزما الحقائب وانطلقا ببطء يشقان الماء، بحثًا عن سواحل سويسرا. بحثًا عن ملجأ يعصمهما من الموت المرافق لهما أينما حلّا وذهبا.
استقرت أجسادهم في سويسرا، وحلقت أرواحهم نحو السماء. فقد تمكن الموت من خطف زوجته وابنه، زوجته التي ولدت جسدًا دون روح، وغادرت قابضة على يدي ابنها، تاركةً خلفها صرخات الألم التي ستبقى عالقة في رأس هنري إلى الأبد.
كان عملي تحيةً وداعيةً إلى تمثال من اللحم
{ وداعًا أيها السلاح، 343 }
رواية مبدعة، وصلنا عبرها شعور الحزن وصرخات الأسى والبغض لتلك الحرب التي أخذت أكثر مما أعطت. لن أكون كاذبًا إن قلت أنها صرخة في وجه الحرب والقتال، صرخة تعني: كفى!، كفى!!، كفى!!!
لكنني وددت لو أن إيرنست تناول بين سطورها، نقلًا أدق لواقع الحرب ووصفا أكثر لساحات المعركة، لويلاتها، وجرائمها في حق الإنسان والحيوان والطبيعة. لو أنها لم تقتصر على ذكر قشور لا تسمن ولا تغني من جوع حول الحرب والجنود، ولو أنها لم تُثخن بحكايات الحب والعشق...فقد صيرت الرواية من كونها صرخةً رافضةً لواقع الحرب ومآسيه، إلى حكاية رومانسية أعاقتها ظروف الزمان وتخللتها عبرة عارضة لا أكثر ولا أقل من ذلك...
لم تكن قراءة الرواية سلسةً أبدًا، فلغة النص ضعيفة وركيكة في مواضع عدة، وقد أعوز ذلك إلى أخطاء في الترجمة، إلا أن الكاتب يتحمل بعضًا من اللوم أيضًا. إضافةً إلى بذلي لجهد كبير ومضنٍ في محاولةٍ مني لفهم مسار الحديث وأطرافه.
المؤلف في سطور
المهنة: مراسل عسكري، وكاتب سيناريو، وروائي، وصحفي، وكاتب مسرحي، وشاعر، وكاتب
الجنسية: الولايات المتحدةالميلاد: 21 يوليو 1899
الوفاة: 2 يوليو 1961 (61 سنة)
من مؤلفاته: 1- ثلاث قصص وعشر قصائد (قصص قصيرة)
2- في (قصص قصيرة)
3- سيول الربيع (رواية)
4- الشمس تشرق أيضاً (رواية)
الوفاة: 2 يوليو 1961 (61 سنة)
من مؤلفاته: 1- ثلاث قصص وعشر قصائد (قصص قصيرة)
2- في (قصص قصيرة)
3- سيول الربيع (رواية)
4- الشمس تشرق أيضاً (رواية)
5- رجال بلا نساء (قصص قصيرة)
6- وداعا للسلاح. (رواية)
7- الطابور الخامس (قصص قصيرة)
8- الموت بعد الظهر (رواية)
9- الفائز لا ينال شيئا (قصص قصيرة)
10- تلال أفريقيا الخضراء (رواية)
11- أن تملك وألا تملك (رواية)
12- لمن تقرع الأجراس (رواية)
لإقتناء الكتاب زر
والحمد لله.
***********************
***********************
إرسال تعليق
0 تعليقات