كتاب مشكلة في خليج بولينسا

مشكلة في خليج بولينسا

العنوان: مشكلة في خليج بولينسا
الكاتب: أجاثا كريستيِ
سنة النشر: الطبعة الأولى -2016-
الدار الناشرة: مكتبة جرير
عدد الصفحات: 248 صفحة
التقييم:7.4/10

الكتاب في سطور


لدى جميع كتّاب الجريمة العظام شخصياتهم المفضلة. وبالمثل، لكل مخبر سري عظيمٍ أسلوبه المفضل في إجراء التحريات.
تأمل مثلاً باركر باين الجذاب، الذي يعتمد على معرفة فطرية بالطبيعة البشرية لحل مشكلة خليج بولينسا. أو السيد ساترثوايت، الذي يحصل على الإلهام من خلال تعاونه مع السيد كوين الغامض في لغز "طاقم شاي هارلي كوين". ثم بالطبع هناك بوارو، الذي تم اختبار تحليله المدروس للدوافع والفرص لأقصى حد في السوسن الأصفر، عندما يتلقى مكالمة مجهولة حول مسألة حياة أو موت...

(الملكة المتوجة للروايات الخيالية البوليسية).

(صحيفة أوبزرفر) 

مراجعتي للكتاب

لن أقول عائدة هي…بل عالقة في قلبي وذهني…مجرد شعلة هو هذا الكتاب…شعلة أحرقت قلبي شوقا وتوقا لقراءة المزيد والمزيد...
سحرها لا ينقطع...كل كتاب يجرك خلفه كي تقرأ كتباً غيره...حتى تنهي كل ما كتبت لكن الطريق أمامي طويل جدا...فمازال أمامي العشرات من الكتب التي أتمنى وأرجو أن لا تنتهي أبدا...

شكلت خلال قراءاتي المتعددة قالباً وتصوراً لكل كاتب...مميزاً فيه أسلوبه ونمطه...متعرفاً على كتاباته
إلا أن أجاثا كريستي تزرع الدهشة في قلبي وعقلي مع كل كتاب...فمهما حاولت أن أشكل من قوالب أو أنماط كانت تنسفها مع أي كتاب جديد.
فمثلا:
كان تصوري أن الجريمة ستحدث وفق النمط التالي في قصة " زهرة السوسن الصفراء"
1- يدعى بوارو إلى المنزل أو المطعم أو....
2- تحدث جريمة القتل الأولى.
3- تصل الشرطة.
4- يتتبع بوارو الحقائق والأدلة.
5- يحبط بوارو الجريمة الثانية.
6- يكشف القاتل.

إلا أن بوارو أنقذ الضحية الأولى ومنع تكرار الأحداث المملة هذه...فبعبقرية شديدة أوهم القاتل بأنه نجح في قتل الضحية...وفي إخفاء الأدلة كما شاء وأراد...بل وأوهمه أيضا بأنه استطاع خداع بوارو وقيادته نحو استنتاج خاطئ يودي بحياة بريء خلف القضبان...

قطع حديثه صرخة ضعيفة أصدرتها لولا قائلة: " انظروا...انظروا...".
فانتبهوا جميعاً لمنظر بولين، وقد سقط رأسها على المائدة.
صرخت لولا قائلة:
" لقد ماتت...بالطريقة نفسها التي ماتت بها إيريس، مثلما ماتت إيريس في نيويورك ".
{ مشكلة في خليج بولينسا، 84 }

 أومأ بوارو برأسه ببطأ، ثم قال:
" نعم لقد ماتت، يا لها من فتاة صغيرة مسكينة! لقد كنت جالسا بجانبها! يا إلهي! لكن هذه المرة لن ينجو القاتل بفعلته".
{ مشكلة في خليج بولينسا، 85 } 

أظن أن بوارو ممثل بارع، وقد يذهل المخرجين والمنتجين بسبب مواهبه المتعددة. خاصة أنه استطاع بمهاراته أن يخدع ملايين القراء...ومئات القتلة الذين قابلهم خلال أيام حياته القليلة والتي انتهت مع رواية "الستارة"
حتى خلال " سيناريو التمثيل " الذي أبدعه وكتبه وأخرجه خلال دقائق معدودات، هو والمجني عليها. 

أضيئت الأنوار بسرعة 
{ مشكلة في خليج بولينسا، 85 } 

لم يغفل مدح نفسه والتغزل بقدراته الفذة والرائعة...

قال بوارو: " أنا المحقق هيركيول بوارو، أعرف ما أقول. إن لي بصيرة ثاقبة..."
{ مشكلة في خليج بولينسا، 86 } 

انتهت المسرحية بمشهد درامي شديد الإثارة والبهرجة...

هل تسمحين يا آنسة وتظهري للحاضرين أنك لست ميتة؟
جلست بولين ( الضحية ). وأطلقت ضحكة مضطربة.
قالت:" ها قد عادت بولين إلى الحياة".
{ مشكلة في خليج بولينسا، 87 } 

وهكذا سارت الأمور فيما بقي من قصص قصيرة...بعضها لا يحوي جريمة قتل. لكنها جميعا تدور حول جرائم الحب.

لا شيء يجعلك تعيسا كالحب
لا شيء يجعلك حزينا كالحب
يجعلك مكتئبا
يجعلك مهووسا
عاطفيا
يجعلك حساسا
لاشيء يحبطك كالحب
{ مشكلة في خليج بولينسا، 92 }

فالجريمة في القصة القصيرة " مشكلة في خليج بولينسا " لا تتعلق باللون الأحمر أو طلقة نارية اخترقت رأس أحدهم أو حتى سكينا حشرت بين طبقات الدهون المتكومة فوق بعضها...لكنها جريمة طعنت في آداب وتقاليد وثوابت سيدة إنجليزية أصيلة.
قصة جميلة...حكاية كفاح محبان في سبيل الإنتصار على الثوابت الإنجليزية لدى عجوز إنجليزية.
بذكاء لا مثيل له استطاع " باركر باين " الذي يملك معرفة فطرية بالنفس البشرية من التحايل عليها. مستترا خلف الطبيعة البشرية والقاعدة الإنسانية التي تميل إلى الأقل ضررا دائما...

قالت السيدة تشستر، بينما كانت عيناها غارقتين في الدموع:
" لم يكن كذلك أبدا"
قال السيد باركر باين في محاولة لإبهاجها:" حسنا، يبدو أن انجذابه إلى هذه الفتاة الجديدة قد قضى على افتتانه بالآنسة جريج، وهذا من شأنه أن يشعرك ببعض الإرتياح".
قالت السيدة تشستر:" لا أفهم ماذا تقصد، إن بيتي شخصية محبوبة ومخلصة لبازل. إنها تتصرف بشكل جيد للغاية، وأعتقد أن ابني قد أصابه الجنون".
  { مشكلة في خليج بولينسا، 21 }

لن يكون لأي مجموعة قصصية أي طعم إن خلت من المحقق البلجيكي " بوارو ". أدركت " أجاثا " ذلك فأفسحت له المجال في قصتين هما " دقة الجرس الثانية " و " زهرة السوسن الصفراء ".

تعد " دقة الجرس الثانية " مجرد رواية مقتطعة ومصغرة لتناسب قالب القصة القصيرة...ولا أقصد بذلك التقليل من شأنها، بل أقصد أن عادة أجاثا ظهرت مرة أخرى...تفرش الأرض لبوارو وتخوض به معركة ضد قاتل واثق بدهائه وخطته...مع أنها جريمة متوقعة الأحداث والنمط، إلا أنك عزيزي القارئ مازلت جاهلا ولن تستطيع أن تحل اللغز قبل أن ينهكك بوارو باستنتاجاته الذكية والمذهلة.

هبت السيدة ليتشام روش واقفة، وقالت: 
" سيد بوارو...إنها المرآة، لابد... لا بد أنه قد كسرها عمدا".
فقال بوارو:" نعم يا سيدتي ".
حملقت إليه وقالت:" يا إلهي ! ". " لكن كسر المرآة يجلب سوء الحظ "
قال بوارو مازحا: " من الواضح أن السيد جيفري كين غير محظوظ تماما ".
  { مشكلة في خليج بولينسا، 65 }

أما " زهرة السوسن الصفراء " فحكاية جديدة ذات دلالات كثيرة بطلها الحب ودافعها المال...أظهرت فيها أجاثا موهبة بوارو الفنية...كأنها تبحث له عن عمل بعد أن يتقاعد.

لاشيء يفقدك عقلك كالحب
لا شيء يجعلك تجن كالحب
إنه ظالم
إنه مخادع
إنه انتحار
إنه قتل
لا شيء كالحب
لا شيء كالحب...
  { مشكلة في خليج بولينسا، 92 }

لطالما آمنت أن القصص القصيرة التي تجمع في كتاب واحد، مملة وسهلة النسيان. ومن النادر أن تعلق في ذهنك لفترة طويلة...أوجدت أجاثا حلا لهذه المشكلة أيضا فقد ربطت قصصها ببعضها، فحكاية " طقم شاي هارلي كين " و " محققو جرائم الحب ". دارتا حول بطلين هما: 
" هارلي كين " و " ساترثويت "...هارلي كين، شخصية غامضة لا تظهر إلا لإنقاذ الآخرين... تؤدي مهمتها وتختفي.

قال السيد كوين:" أنت رجل لديه قدر كبير من المعرفة. قد تعني عبارة ما شيئا بالنسبة إليك. أنا أعتقد أنها ستكون مفيدة لك. "
سأله السيد ساترثويت:" ما هذه العبارة؟ "
أجاب السيد كوين وهو يبتسم قائلا:" عمى الألوان ".
  { مشكلة في خليج بولينسا، 118 }

لقاء بين صديقين...وجملة " عمى الألوان "...إضافة إلى ذاكرة قوية هي السبيل إلى إيقاف جريمة قتل.

شكرا هارلي كوين

قال السيد ساترثويت لنفسه: " إنها راحلة مرة إخرى، إنها راحلة معه، إنهما يبتعدان معا. فهما ينتميان إلى العالم نفسه بالطبع. يظهر هؤلاء الأشخاص في حالات الحب أو الموت فقط أو في كليهما "...
...انحنى السيد ساترثويت والتقطها وفتحها، كانت هناك رسالة مكتوبة بداخلها حروف ملونة تقول:
" تهاني! إلى أن نلتقي في المرة المقبلة.
إتش.كيو "
  { مشكلة في خليج بولينسا، 137- 136 }

" يظهر هؤلا الأشخاص في حالات الحب أو الموت فقط "... هكذا عاد هارلي كوين إلى الساحة مجددا ، فحكايتنا " محققو جرائم الحب " جمعت بين الموت والحب. الذكاء والفطنة.
مسرح الجريمة مليء بالثغرات...ومحبان يخلقان مسرحية لدرء التهمة عن نفسيهما...وخادم يظلم...
لولا تدخل هارلي كين. لضاع الحق ولنطلت المسرحية على ساترثويت ذو الذوق المسرحي الرفيع...قطعة زجاج كانت المنقذة...
لعلنا نقابل هارلي كين مرة أخرى 

صرخ السيد ساترثويت قائلا: " يا إلهي! "، ثم دس يده في جيب صدريته وأخرج قطعة الزجاج المقوسة.
كانت تلك هي لحظته.
قال السيد ساترثويت بنبرة جادة:" سأنقذ حياة رجل بواسطة قطعة الزجاج تلك ".
  { مشكلة في خليج بولينسا، 197 }

ضحكت إيف، وقالت:
" حسنا، ولكن من الممكن أن أسرقها أنا! ".
نظر إليها السيد بوينتز مرة أخرى، وقال: لا أعتقد أن بإمكانك فعل ذلك ".
قالت: " حسنا، أعتقد أنني أستطيع. لقد كنت أفكر في هذا الأمر الليلة الماضية وأنا في سريري، بعد أن مررتها علينا لنشاهدها. فكرت في طريقة جميلة جدا لسرقتها ".
  { مشكلة في خليج بولينسا، 146 }

هكذا بدأت الليلة داخل حجرة القطار...مراهقة تحلم بأن تزين نفسها بجوهرة، ورجل أعمال واثق من قدراته في تحصين نفسه...تنتهي الليلة باختفاء الماسة...تفتيش كل من حضر...دون جدوى. حتى تدخل باركر باين. استطاع خلال مدة قصيرة أن يكشف اللغز وأن يقبض على عصابة متمرسة في السرقة والاحتيال...عادت " نجمة الصباح " إلى مالكها وبرءت ساحة المتهم.

آخر حكايتين " زهرة الماجنوليا " و " بجوار كلب " يمثلان قسوة الإنسان والحب.
وأن الكبرياء قاتل مفقر، وأن التخلي عنه يجذب الإهانة لك...كلا الطريقين سيء. لكن الموت بشرف والحياة بعفة...خير من أن تهان في حياتك وأن تشقى في مماتك.

سأكتفي بما ذكرت وفصلت حول كل حكاية تضمنها الكتاب...أبدعت يا أجاثا كريستي مرة أخرى...

لكن لكل شيء جانب جيد وآخر سيء...
سأذكرها على شكل نقاط لأسهل التعامل معها...
1- النمط المكرر في بعض القضايا..
2- دافع الحب والمال...دافعان كثر الحديث حولهما...فيا ليت جذور الجريمة تروى من غيرهما.

اقرأ الكتاب واستمتع جيدا بما جاء فيه... تعمق  في الدلالات والمشاعر..وأشعر بالدهشة كأنك طفل صغير يتجرع مرارة الليمون لأول مرة ...  


المؤلف في سطور

أجاثا كريستي
أجاثا كريستي

الإسم الكامل: أجاثا كريستي أو تقرأ أجاثا ميري كلاريسا  وتعرف أيضا السيدة مالوان 

المهنة: كاتبة مسرحية،  وممرضة،  وكاتِبة،  وروائية،  وكاتبة سيناريو،  ونثر،  ودرامية،  وكاتبة نثرية،  والدراماتورج،  وكاتبة سير ذاتية 

الجنسية: المملكة البريطانية العظمى، المملكة المتحدة

الميلاد: 15 سبتمبر 1890

الوفاة: 12 يناير 1976 (86 سنة)  

سبب الوفاة: مرض ذات الرئة  

من مؤلفاته:   1- هرقل بوارو
                  
                  2- ومقتل روجر أكرويد  
                 
                  3-  لغز سيتافورد

                  4- خطر في البيت الأخير

                  5- موت اللورد إدجوير 
                   
                  6- جريمة في قطار الشرق السريع 

                  7- جرائم الأبجدية

                  8-  أوراق لعب على الطاولة

                  9- موت فوق النيل 

                 10- السرو الحزين

                  11- خمسة خنازير صغيرة

                   12- ساعة الصفر 
    
                   13-  إعلان عن جريمة

                    14- الابنة هي الابنة

                     15- ليل لا ينتهي

                      16-  الستارة

                      17- الجريمة النائمة

                      18- ثم لم يبق منهم أحد

لمزيد من المعلومات زر :  

ويكيبيديا

لإقتناء الكتاب زر 

https://www.jarir.com/ - الموقع الإلكتروني لدار النشر ( مكتبة جرير )
 
والحمد لله.

***********************


***********************

إرسال تعليق

0 تعليقات